خولة علي (دبي)
الأب هو عماد الأسرة ودرعها الحصين، وهو الربان الذي يوجه دفة الحياة الأسرية، وهو المرشد والأمين على أسرته، فمن غيره تفقد الأسرة توازنها، وربما نجد الأب عند البعض هو الغائب الحاضر، نظير عمله الدؤوب والمستمر بعيداً عن إيقاع الحياة الأسرية، فهو يراقب من بعيد ويمد الأسرة بكافة مستلزماتها الحياتية، ويشرف ويوجه من بعيد، وأحياناً كثيراً تظهر سلطته إذا احتاج الأمر، فللأب قيمة كبيرة في حياة كل أسرة، فهو السند التي ترتكز عليه الأسرة، والقدوة التي يستمد منها الأبناء ثقتهم، فكيف ينظر الأبناء لآبائهم، وكيف هي العلاقة المتبادلة بينهم؟.
هو صديقي
سمية الزرعوني، تقول: كلمة أبي لها وقع خاص في نفسي، فمنذ رحيله، ينتابني شعوراً بوجوده في كل خطوة أخطوها، وكل ضربة فرشاة على مساحة من الورقة البيضاء، النقية والصافية كصفاء قلبه، يتابعني ويراقبني، والدي هو صديقي الذي يلازمني طويلاً فترة مرضي، وأنا طفلة صغيرة عاجز عن الحركة، وجدت فيه الحنان والعطف ونظرة الأمل والتفاؤل التي كانت ترتسم على وجهه، عندما يرعاني ويحملني ويأخذني ليعرفني بالعالم المحيط بي، فلم يستسلم لواقعي المرضي، لأظل حبيسة الفراش، إنما بتشجيع والدي ومساعدته المستمرة لي، استطعت أن أقف على قدمي، وأشرع في تعلّم القراءة والكتابة والرسم قبل دخول المدرسة، كما تعلمت منه مهارة التواصل مع الآخرين، فتعلمت منه حب الناس ومساعدتهم، وأنا أسير على نهجه وما تعلمته منه، وما أنا عليه اليوم من نجاح يعود لله تعالي ولوالدي، لذا يجب أن ينظر الأبناء جيداً للتضحيات التي يقدمها الآباء في سبيل تربيتهم وتنشئتهم وتحقيق مستقبلهم.
حنان واحتواء
وتشير نوف محمد، قائلة: نحن امتداد لآبائنا، وانعكاس لهم، ونراهم قدوة لنا، نستلهم منهم مفاتيح الحياة، والتوجيه والإرشاد ونحن صغار، وقد نتحول إلى منتقدين لبعض الأفكار عندما نكبر، على الرغم من اختلاف الآراء والأفكار إلا أننا لا نستطيع أن نتجاوز حدود وخط الاحترام الذي يفصل بيننا، فعلاقتي بأبي يمكن وصفها بعلاقة الصديق، الذي يفضي لصديقه عما يعتري قلبه وفكره من أحداث ومواقف، المنصت والمستمع الجيد عند طرح الأفكار ومناقشتها، فالأبوة تحمل في طياتها الكثير من المعاني الإنسانية الدافئة من حب وعطف وحنان واحتواء.
قدوة وسلطة
أما عائشة الشامسي، فتوضح: الأب يمثل عمود الخيمة بالنسبة للأسرة، فوجوده يعني الرعاية والحماية والقدوة والسلطة، فالابن يحتاج إلى الحنان والرعاية والتوجيه والإرشاد والنصح، وتجربتي مع والدي جداً عظيمة، عندما أرى حرصه على تقديم الدعم والمساعدة لي، واحتوائي، وعندما يرى طفلته عاجزة عن ممارسة حياتي بشكل طبيعي، يحاول جاهداً البحث عن وسائل قد تساهم في تطوير مهاراتي والاعتماد على نفسي، فلا أنسى سفري المتكرر معه باحثاً عن أمهر الأطباء والخبراء، لتأهيلي ومساعدتي على تخطي إعاقتي، لذا شكل رحيله صدمة شديدة لي، ولو امتدت لي ألف يد الآن، لن تغنى عن يد والدي المليئة بالدفء والحنان.